نوفيلا إرث العادات بقلم ډفنا عمر

موقع أيام نيوز


الكامل كانوا أسوأ مصادفة جعلتها تسمع حديث ابن العم وتدري عن بها.. وبفزع مبالغ به تحسست موضع جنينها بعين زائغة تهمهم محدش هياخدني من ابراهيم ولا هيربي ابننا غيرنا.. لازم اهرب قبل ما يحرموني من ابني.. لازم اهرب.
ظلت تهذي بكلماتها وهي تتلفح بعباءة سوداء. ليدركها أبيها صوب الباب ويوقفها بذهول قبل أن تهرب. 

رايحة فين يا بنتي.
لم تجيبه ماضية في طريقها 
من قيد يداه سبني هروح لبيت لابراهيم..هو مستنيني هناك..محدش هياخدني منه.. سبني امشي.. سبني.
ظلت تصرخ ليستوعب أبيها أنها سمعت كلام بدر وهذا ما لم يكن ابدا في حسبانه الأن. 
أكبر غلط انها سمعت كلامك مع ابن عمها عشان كده ثارت برد فعل دفاعي من وجهة نظرها متنساش انها أحيانا بتفترض ان جوزها وولادها لسه موجودين.
والله ما اعرف انها هتسمع دي كانت نايمة.. طب والحل يا دكتور. 
الحل ترجع بيتها زي ما هي عايزة.. مش من مصلحتنا تفضل في حالة الڠضب دي.. علي الأقل لحد ما تولد بالسلامة وحالتها النفسية ترجع تتوازن.
نكس الأب ورأسه بعجز متعجبا الأقدار التي تسوقها ثانيا لتنغمس بذكرى زوجها الراحل..بعد أن أراد نزعها من أصفاد ذكراه علها تتحرر لتعيش يوما حياه أخرى.
حاضر يادكتور.. هرجعها تاني بيتها.. والله المستعان. 
نوفيلا إرث العادات
بقلم ډفنا عمر
الفصل السادس
ظلت تهذي بكلماتها وهي تتلفح بعباءة سوداء. ليدركها أبيها صوب الباب ويوقفها بذهول قبل أن تهرب. 
ظلت تصرخ ليستوعب أبيها أنها سمعت كلام بدر وهذا ما لم يكن ابدا في حسبانه الأن. 
أكبر غلط انها سمعت كلامك مع ابن عمها عشان كده ثارت برد فعل دفاعي من وجهة نظرها متنساش انها أحيانا بتفترض ان جوزها وولادها لسه موجودين.
والله ما اعرف انها هتسمع دي كانت نايمة.. طب والحل يا دكتور. 
الحل ترجع بيتها زي ما هي عايزة.. مش من مصلحتنا تفضل في حالة الڠضب دي.. علي الأقل لحد ما تولد بالسلامة وحالتها النفسية ترجع تتوازن.
نكس الأب ورأسه بعجز متعجبا الأقدار التي تسوقها ثانيا لتنغمس بذكرى زوجها الراحل..بعد أن أراد نزعها من أصفاد ذكراه علها تتحرر لتعيش يوما حياه أخرى.
حاضر يادكتور.. هرجعها تاني بيتها.. والله المستعان. 
يعني ايه حور رجعت بيت ابراهيم
تحدث بثورة أشعلتها الغيرة فور علمه برحيلها لبيت زوجها الراحل ليجيبه العم يا ابني كان لازم ترجع خصوصا انها سمعت كلامنا لما جيت أخر مرة.. وحاولت تهرب لولا لحقتها.. ما انت عارف يابدر حالة بنتي النفسية.. هي اتصورت انك هتاخد ابنها منها.. والدكتور هو اللي نصحني نلبي رغبتها عشان حملها يعدي علي خير.
هدأ قليلا وغمغم باعتذار أنا أسف ياعمي علي عصبيتي بس انا 
فاهم يابدر.. عمك العجوز مش غبي.. ربنا يكتبلك فيها نصيب يا ابني. 
اللهم امين طيب يعني هي كده هتفضل هناك لحد ما تولد 
أيوة وأملنا في ربنا عقلها يرجعلها لما تشوف ضناها.. واهي أمها معاها وسلفتها شروق الله يبارك فيها.. واستطرد لذاك المشتعل الصبر يابدر كل اللي عايزه منك انك تصبر يابني.. ولو ليك نصيب معاها محدش هيقدر يمنعه. 
أخيرا أخذت حمام دافيء أنعش جسدها المنهك من خدمة الجميع ولم يبقي سوي حصد غفوة هادئة قبل أن تستيقظ عند الفجر..خبئت شعرها المبتل بفوطة قطنيه وغادرت المرحاض متوجهه لغرفتها التي ما أن ولجتها حتى شهقت وهي تستعيذ من الشيطان حين بصرته يمدد جسده فوق الفراش.
انت بتعمل ايه يا تيمور
أجابها وعينه تتمهل على تفاصيل جسدها المرسومة أسفل قميصها القصير وغمغم بخبث هكون بعمل ايه هنام طبعا يا شروق. 
رفعت حاحباها بتهكم يا سلام بس انت المفروض مكانك فوق مش هنا خالص. 
رمقها بنظرة دافئة راجية بالعكس.. أنا مكاني هنا..جنب مراتي. ثم دنى منها مواصلا موج استرساله الهاديء الذي جرفها لمشاعر لا تريد إيقاظها
مراتي اللي وحشتني.
تمالكت جأشها لتدفعه عنها بحدة تيمور.. لو سمحت طللع نام فوق وإلا هطلع انا وخد انت بالك من علاج والدتك.
تتهد وقد أضناه بعدها شروق.. أنا خلاص تعبت.. ارجوكي اديني فرصة اثبتلك اني..
قاطعته بحدة 
انك ايه يا تيمور انت ليه مش فاهة اننا لسه واقفين عند نفس النقطة.. انت لسه في نظري الزوج اللي طعني في قلبي لما قرر يتجوز عليا مهما كانت المبررات اللي قولتها. 
بس انا متجوزتش. 
لان إرادة ربنا تدخلت والولاد ماتوا وانتهي السبب اللي كنت هتتجوز حور عشانه.. لكن للأسف مش من نفسك اخدت القرار ده..
ثم دنت منه وعيناها تلمع بالدموع العاتبة كان هيفرق معايا اوي يا تيمور لو كنت اخدت الخطوة دي والولاد لسه عايشين.. كنت هحس انك فعلا اشترتني ووقتها كنت هحاول فعلا ارجعلك.. لكن دلوقت صعب.. عشان كده بقولك انا وانت لسه واقفين عند نفس النقطة ونفس الۏجع ونفس كل حاجة.. فاوعي تطمن لوجودي هنا..أنا اللي دفعني أساعدك انسانيتي وضميري اللي مقدرش اتحمل لومهم ووجعهم..لكن أكتر من كده صدقني مش هقدر.. بلاش تضغط عليا أرجوك.
ظل يطالعها بحزن وخيبة وخزي لتستطرد بثبات تيمور.. انا وقت اللزوم وقفت جنبك ومتخلتش عنك واعتقد استحق لو طلبت منك اي طلب بعد كده تنفذه ليا.
لم يكن صعب عليه تخمين مقصدها. 
أقترب
صوبها حد التحام أنفاسهما ليهمس أمامها وهو يتتبع تفاصيل وجهها بانامله گ عادته أوعدك ياشروق هنفذ ليكي أي طلب تطلبيه..إلا اني اسمحلك تسبيني.. وقتها هحاربك انتي شخصيا لحد ما افوز بيكي تاني..مهما كان المشور لصفحك طويل.. همشيه حتى لو على الأشواك..وزي ما ضيعتك هرجعك تاني.
بطنها يزداد بروزا بينهما هي على نفس حالة الرفض لواقعها..أحبائها لم يرحلوا عنها..تنتظر زوجها وصغارها كل يوم تحيا بوهم عودتهم من مكان لا تعلمه.
أبراهيم مش هيحضر ولادتي
ببراءة تساءلت حور لتتماسك شروق عن البكاء وهي تجاريها مثلما أمرها الطبيب ماهو مايعرفش انك حامل يا حور. 
ليه محدش قاله قولوله يرجع بولادي.. ليه أخدهم معاه وسابني لوحدي 
ثم تحسست بطتها البارز بتيه أبني هيتولد وهما بعيد عني.
أشاحت شروق وجهها عنها تدراي تدفق الدموع التي خدشت مقلتيها وقناع وجهها يتشقق كاشفا مدى ضعف قوتها التي نفذت.. هذا كثير عليها.. كثير..الأيام تمر والبائسة تتعشم بمعجزة وتنغمس أكثر بوهم عودة من رحلو عنها..كيف يعودون من رحلوا!..كيف! 
متى تتتعايش تلك المسكينة مع حقيقة الفقد
متى ترضى بقدر الله وحكمه وتدرك رحمته بها..
أخذ زوجها و الصغار لكنه منحها ما تقتات عليه روحها وتملأ به حياتها.
ثمة ثمرة تنمو بحشاها تنتظر النضوج لتتفتح وتدب بها ومعها الحياه.. فلتتقبل قدرها وترحب بعطايا القدر لها.
يا الله كن عونا لتلك المكلومة وامنحها قبسا من قوتك وحولك لتتحمل القادم. 
تيمور الحقني.. حور بتولد..اتصل بالدكتور ولا اطلب الإسعاف.. بسرعة انا مش عارفة اتصرف.
لم يكد يصله صوتها مستغيثا عبر الهاتف حتى انتفض وهو يطمئنها قدر استطاعته أهدي يا شروق أنا هتصرف..خليكي معاها وانا هكلم الدكتور حالا. 
مظهره المتماسك لم يخدعها هي تعلم ضخامة حجم قلقه على حور..وكم خدش روحها هذا الخاطر الأخرس بعقلها وأشعل فيها غيرتها الفطرية..نعم هي ساندت حور بكل صدق وشفقة لكنها لن تنسى انه فكر أن يتزوجها يوما..وربما مازالت الفكرة قائمة..وما الذي يؤد فكرته والسبب مازال قائما.. طفل شقيقه الراحل الذي ينتظر بين لحظة وأخرى أن يصدح صراخه معلنا قدومه للحياة..هل سيتخذه تيمور سببا جديدا ليتزوجها..تنهدت وهي تهمس بخۏفت شديد لسه الدنيا مخبيا لينا اختبار جديد يا تيمور..ياترى نتيجته هتكون نجاح ولا رسوب
مبروك يا استاذ المدام جابت تؤام زي القمر.
سقطت شفته السفلى ببلاهة لا يصدق.. تؤام كيف هذا.. كان يطن. أن أرملة أخيه تحمل طفل وحيد!
بجد تؤام يا دكتور بس حضرتك ماقولتش كده
ابتسم الطبيب الذي بدا شديد التعاطف معه 
بصراحة طمعت اشوف رد فعلكم بعد الولادة.. تقدر تعتبرها مفاجأة حبيت افاجئكم بيها. 
اغروقت عين تينور ووجد نفسه يعانقه ممتنا 
مش عارف اقولك ايه يا دكتور.. مش هنسي ابدا انسانيتك واهتمام بحور لحد ما وصلنا للحظة دي.
وجفف دموعه قائلا بلهفة 
ممكن اشوفهم.. هما ولدين صح
لأ. ولد وبنت.
حمد ربه بخشوع ثم قال طب وهي عاملة ايه
هي لسه تحت تأثير البنج والتؤام مع طبيب الأطفال بيكمل فحصهم شوية وتشوفوهم. 
الټفت لزوجته التي كانت تقف بعيد تطالعه بنظرة شاردة وبتلقائية هرول وعانقها وهو يهتف بشبه بكاء أبراهيم رجع تاني ياشروق.. ربنا عوضنا غيابه بالتؤام. ثم ابتعد عنها مواصلا عارفة هنسميهم ايه لم ينتظر إجابتها ليهتف أبراهيم وخديجة.. هو ده اللي هيرجع امي تحس بطعم الحياة تاني.
أغفلته فرحته الجمة عن ملاحظة نظراتها الحزينة الخائڤة من القادم..ومع هذا لم تخذله وهي تربت على ظهره داعمة فرحته وقلبها يبكي عانقته بقوة لعلها أخر مرة تكون قريبة منه لهذا الحد..فلتستعد لنهاية المطاف..لم يعد أحد يحتاجها الآن حور قريبا ستنال عافيتها وتهتم بطفليها كما ستعود الحياة بجسد والدته وترد فيها الروح بقدوم الصغيران وتتعافى هي الأخرى ابتعد عنها ليحاكيها بفرحة واضحة أمي لما تشوف التؤام هتنسى حزنها وتعبها كله وصحتها هترجع تاني.. صح يا شروق.
كأنه بتساؤله يستدعي الأمل لنفسه لتهز رأسها له بتأكيد وغيمة من الدمع تغشاها صح يا تيمور..مامتك
هتخف لما تشيل ولاد ابراهيم بين ايديها..وكل حاجة هترجع زي ما كانت.
غفل ثانيا عن قصدها وجذبها معه ليطمئنا على حور وطفليها..وداخلها يولد قرار أكيد بوجوب الرحيل. 
ممكن اخد التؤام لماما تشوفهم تحت ولا غلط انا استنيت أسبوع عشان نكون اطمنا عليهم.
قالها تيمور لوالدة حور التي هزت رأسها مرحبة 
ميجراش حاجة يا ابني خدهم وخد بالك منهم..حور نايمة وهتصحى علي معاد رضعتهم.
إبراهيم وخديجة.
همستها بلوعة أم باكية ليحتضن تيمور رأسها بصدره وهو يشاطرها نفس حالتها أيوة يا أمي ابراهيم اللي كانت روحه في خديجة رجعلها تاني.. ولاد اخويا اهم بين ايديكي هيعوضومي غياب الغالي.
لا تصدق عيناها..إبراهيم عاد إليها بتؤام من صلبه 
كأنه ترك علي وجه الصغير نسخة مصغرة من ملامحه ليرثها من بعده جال بخاطرها ذكرى مثل هذه منذ سنوات وهي تحمل أبيهم بين ذراعيها..نفس الحجم وحركات كفه
الرقيقة وفمه الذي يتثائب ولسانه الذي يبحث عن ثدي أمه بجوع لنبع حليبها الصافي.
لم تشعر وهي تضم الصغيران إليها بقوة كادت تؤذيهما دون أن تدري ليوقفها تيمور براحة عليهن يا أمي ده لسه صغيرين.
طبطب تيمور علي كتفها برفق طبعا يا أمي انتي بس شدي حيلك ووارجعي زي ما كنتي بصحتك عشانهم.
للعجيب تبدلت نظرتها للنقيض.. من الضعف والتيه للقوة والعزم وقد استعادت بعض هيمنتها وهي تلتفت إليه هاتفة أتجوزها يا تيمور.
اتسعت عيناه بأخر ما توقعه منها بعد كل ما كابدوا ثم صاح باستنكار بتقولي ايه يا أمي. 
لو عايز حيلي ينشد من تاني اتجوز حور عشان ماتاخدش ابراهيم وخديجة مني مفيش حاحة اتغيرت يا ابني مش كنت موافق تتجوزها قبل.
وايه
هدر بثورة اجتاحت صوته وهو يصيح بذهول
تاني يا أمي! تاني ماكتفتيش من الظلم وعقاپ ربنا لينا.. كنتي
 

تم نسخ الرابط