رحلة الآثام بقلم منال سالم
المحتويات
كتفيها هاتفة
زي ما تحب.
رفع يده ليمررها في خصلات شعره ثم أخبرها بما صدمها تماما
بالمناسبة أنا مسافر تاني واحتمال أغيب فترة.
لاحظ بعينيه الثاقبتين تبدل
تعبيراتها المرحة إلى قليل من الضيق رغم محاولتها لإخفاء ذلك لم تتوقع ناريمان مثل ذلك الرد ابتلعت غصة في حنقها وسألته كنوع من المزاح لتغطي على شعور الانزعاج الذي تسلل إليها
نظر إليها بعمق فتوردت بشرتها من طريقة تطلعه ليقول بعدها في مكر وبكلمات موحية ذات مدلول خطېر
لو نويت مش هيكون غير عشان واحدة وبس ده لو وافقت.
تحفزت في جلستها بشكل مربك وسألته وهي ترمش بعينيها
مين دي
في بطء وتمهل أرجع ظهره للخلف وقال في غموض مثير
أفضل أحتفظ بالجواب لنفسي حاليا مش حابب أخسرها وخصوصا بعد ما بقت أقرب واحدة ليا.
قبل ما تسافر عرفني جايز أودعك في المطار.
بادلها الابتسام الماكر وأومئ
برأسه مؤكدا لها
حاضر بالعكس أنا حابب ده.
استمرت على تبسمها الخجل قبل أن تمسك بفنجان قهوتها لتكمل ارتشاف ما تبقى منه ونظرات مهاب تتفرس فيها كحيوان ضار يتربص بطريدته الشهية.
استغرب ممدوح من الانفعال الذي أصبح عليه وسأله في برود مناقض له محاولا سبر أغواره الغامضة
وده يضايقك في إيه
صاح في تشنج غريب وكأنه اتخذ الأمر على محمل شخصي
أه طبعا مضايقني لأن المفروض نخلص من تهاني وجودها مالوش لازمة في حياتنا دلوقتي.
للغرابة استمتع ممدوح للمرة الأولى برؤيته على هذه الحالة الحانقة بدا وكأنه تفوق عليه بعد صراع ممتد معه استرخى في جلسته ونظر إليه بقدر من العجرفة قبل أن يخبره
رمقه بهذه النظرة الڼارية وهو يسأله في تحفز
وده من إمتى
ادعى ممدوح تثاؤبه وقال
من زمان بس مكونتش متأكد.
استفزته طريقته في التعامل مع جدية الوضع بهذا القدر من اللامبالاة والاستهتار فرغبته في التخلص منها ازدادت بعدما توطدت صلته ب ناريمان وبطبيعة الحال لم يحبذ أبدا أن تكون على أي نوع من الصداقة معها وإلا لكشفت لها الصندوق الأسود لشخصيته الساډية لهذا علق عليه في تعصب أكبر
كان الأخير في أوج نشوته أخبره في لؤم مغيظ له
أيوه وخصوصا بعد ما بقت حامل في ابني...
ثم تصنع الضحك بعدما رأى هذا التعبير الغاضب متجسدا على وجهه ليزيد من سوء الأمر بإتمام جملته
كده عيالنا هيبقوا إخوات.
لم يتحمل سخافاته المستفزة فهدر به في انفعال جلي
ما تسكت بقى يا ممدوح!
لم يكف عن مضايقته واستمر يقول في تسلية
شوف الزمن والحظ مين كان يصدق.
حذره مهاب بلهجة غير متساهلة حينما ظل على طريقته المستثيرة للأعصاب
ممدوح!!!
توقف عن إغاظته فقد نال مبتغاه منه نهض من مقعده قائلا بوجه مبتسم على الأخير
واضح إن أعصابك تعبانة أسيبك ترتاح من السفر وأروح أنا لمراتي وابني...
وقبل أن يغادر أخبره
لو عايز أبعتلك أوس يومين خده...
ثم غمز له بطرف عينه متابعا كلامه العبثي
ما إنت عارف الحوامل بيحبوا الحنية والدلع وأنا سيد من يدلع!
بالكاد ضبط مهاب أعصابه لئلا يستفز أكثر من ذلك وانتظر انصرافه ليطيح بكل ما على سطح مكتبه في عصبية مبررة. لم يهدأ داخله وظل متقدا ومستثار في انفعالاته هب واقفا بعدما دفع مقعده للخلف واتجه إلى النافذة محادثا نفسه في توعد
أما إنك ماطلعتيش سهلة يا تهاني بس نهاية الموضوع ده عندي!!!
بعد ليلة حميمة عاصفة محملة بكل ما كانت تتوق إليه لتروي ظمأ جسدها وتطفئ لهيب مشاعرها المتأججة أراحت تهاني رأسها على صدر زوجها وخللت أناملها في أصابعه لتتشابك يداهما معا تأوهت في صوت خاڤت وهي تشعر بلمسة يده الأخرى على جلد بطنها الناعم استمتعت بهذه المداعبات الدافئة وهي غارقة في أحضانه رفعت رأسها لتنظر إليه عندما همس لها بما يشبه التحذير
عايزك تاخدي بالك كويس من نفسك الفترة الجاية.
سألته في استغراب وقد تقلصت المسافة بين حاجبيها
ليه بتقول كده يا ممدوح
أجاب بعد زفرة بطيئة ليوحي لها بأنه يستصعب الأمر
مهاب عرف إنك حامل وده مجننه
على الآخر.
تصلب جسدها وارتفعت بكتفيها عن مستوى رقودها لتتساءل في ضيق
وهو ماله
أعادها إلى موضع استرخائها الأول ومرر طرف إصبعه على ذراعها صعودا وهبوطا في رقة وخفة قبل أن يجاوبها
غيران يا حبيبتي إن بقى عندك عيلة وحياتك مستقرة مع الشخص اللي بتحبيه.
استسلمت للخدر المغري المصاحب للمساته الرقيقة واعترفت له بتقاسيم عابسة
أنا ما بكرهش في حياتي أد مهاب أبشع إنسان في الكون.
استغل الفرصة ليقول في مكر قاصدا بذلك تعميق العداء بينهما
ده ممكن يقلب ابنك عليكي.
مرة ثانية انتفض جسدها وتحفزت وهي تسأله
معقولة
استحالة ده بقى متعلق بيا أكتر من الأول.
نظر إليها قائلا في لهجة اكتسبت طابعا جديا
شوفي يا حبيبتي لو مافيش شوية حزم مننا معاه صدقيني عياره هيفلت.
دون تفكير منحته الإذن ليفعل ما يريد بتأكيدها
قائلة
أنا مابقتش بثق في حد غيرك.
برقت عيناه بهذا الوهج الشيطاني الخبيث وخاطبها بعدما استدار في خفة لتصبح ممددة أسفل منه مسح على شعرها بنعومة
وأنا هكون أد الثقة دي يا حياتي !!!
يتبع الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثاني والثلاثون
التوأم
منذ أن عاد إلى المنزل وكل شيء تغير أو الأحرى أن يوصف الوضع بأنه بات كما كان من قبل حتى الوقت الذي كان يقضيه بصحبة والدته تقلص للغاية وأصبح لبضعة دقائق تكاد تعد على أصابع اليد لتشرع بعدها في الالتصاق بزوجها وكأنها ظله تخشى مفارقته فيهجرها مجددا تحول إلى كتلة مهملة وغير مرئي. انزوى أوس في غرفته مشحونا بغضبه الداخلي ومحاولا تفريغ هذه الشحنات الحانقة في ممارسة لعبة الرماية بالأسهم. في كل مرة يخطئ في إصابة الهدف كان يجبر نفسه على المران أكثر لإتقانها.
في خضم تركيزه اقتحم ممدوح غرفته لافتعال المشاكل معه كعهده مؤخرا من أجل الاستمتاع بتقريعه وتوبيخه وكأنه ينفث عن طاقته الاڼتقامية به. هدر به عاليا وهو يقف مستندا بذراعه على الإطار الباب الخشبي
مش بنادي عليك
لم ينظر أوس تجاهه وعامله بتكبر حين خاطبه
ماسمعتش.
رد عليه ممدوح في تحفز قاصدا تصيد الأخطاء له
ولا قاصد تطنشني
تجاهله الصغير متابعا ما يقوم به فألقى بالسهم تجاه اللوح الخشبي وأصاب المنتصف فابتسم في انتشاء لنجاحه في التسديد اشتاط ممدوح ڠضبا مما اعتبرها عجرفته المستفزة واڼفجر صائحا فيه بعدما اندفع تجاهه ليمسك به من تلابيبه
شوف يا ابن مهاب إنت هنا موجود بأمر مني ولو حبيت أزيحك مش هتاخد في إيدي تكة.
دفعه الصغير بعيدا عنه وهدده علنا بتحد
وأنا لو قولت لبابا عنك هتزعل.
ازداد ڠضبا من جملته تلك وهدر به
هي حصلت بتهددني بأبوك
ثم خفض من يده لينتزع حزام بنطاله الجلدي قاصدا تقريعه به ما إن جذبه حتى ثنى طرفيه معا ليبدو كالسوط ثم رفعه وفرقع الهواء به مكملا تهديده بابتسامة خبيثة
إنت فعلا محتاج تتربى.
قبل أن يدنو منه صوب أوس بالسهم تجاهه فأصابه في معصمه فانفلت الحزام من يده وصړخ ممدوح من الألم الشديد ليلعنه بعدها في غيظ
يا ابن ال ....
على إثر صرخته جاءت تهاني ووزعت نظراتها القلقة بين الاثنين وهي تتساءل بتوتر متحير
في إيه اللي بيحصل هنا
وقبل أن يبادر أوس بالتفسير ادعى عليه زوجها كڈبا
شايفة ابنك بكلمه بالعقل بيعورني بالزفت اللي معاه.
اطلعوا برا.
تفاجأت تهاني من سلوكه غير اللائق وڼهرته في نظرة صارمة
أوس! إيه الأسلوب ده
رد عليها في تحيز وشرارات الڠضب تنتفض في حدقتيه
مش عاوز الراجل ده هنا.
حذرته في جدية
اتكلم كويس ده في مقام بابا.
أخبرها باعتراف صريح
أنا بكرهه مش بحبه.
لم يتحمل ممدوح طريقته المماثلة لأبيه فلكز زوجته ليمر وهو يخاطبها باستياء عارم
أنا تعبت مع ابنك اتصرفي.
استوقفته قبل أن يخرج بكلامها الصاډم
لأ يا ممدوح احنا متفقين اللي إنت شايفه صح اعمله.
وكأنه نجح مرة ثانية في نيل مآربه فاستدار ناظرا إليه بنظرة متشفية شامتة ثم أطلق سلسلة أوامره المتشددة
الولد ده هيفضل محپوس ومالوش أكل لحد ما يجي يعتذر ليا.
في التو وافقته دون جدال وعيناها توجهان نفس النظرة المؤيدة لزوجها
تمام طالما ده اللي يريحك.
غادر ممدوح منتشيا بانتصاره الزهيد في حين ظلت تهاني واقفة لهنيهة قبل أن توجه أمرها لابنها بغير مساهلة رافضة حتى الإصغاء إليه
اقعد مع نفسك وشوف غلطك وأحسنلك تعتذر لأنك غلطان.
سدد لها نظرة ڼارية قبل أن يحيد ببصره عنها ليواصل اللعب وكأنه لم يفعل شيئا مما استفزها هي الأخرى فانصرفت من الغرفة قاصدة إغلاق الباب عليه من الخارج بالمفتاح ليبقى حبيس غرفته حتى يدرك فداحة تصرفه ويأتي للاعتذار وهذا ما
لن يفعله وإن ظل هنا أبد الأبدين!
تابعت من فرجة شباك منزلها حركة سير المارة إلى أن لمحت إحدى جاراتها المقربات تدني من بيتها لحظتها تحركت من موضع جلوسها وأسرعت تجاه الباب لتستقبلها في الحال فقد أوصتها في لقاء سابق بها بإحضار إحدى هذه المواد الكاوية تلك التي تستخدم في إلهاب الجلد وحرقه لتستخدمها في إلحاق الضرر الجسيم بزوجة ابنها وذلك بعدما تنجح في إقناع بدري بتولي هذه المهمة تأكدت المرأة من عدم مراقبة أحدهم لها قبل أن تلج للداخل ثم نظرت إلى أم عوض بنظرات مرتابة وقلقة فسألتها الأخيرة في صوت خفيض حذر
جبتي الأمانة ياختي
دست المرأة يدها في جيب عباءتها النسائية وأخرجت من فتحة صدرها علبة زجاجية صغيرة ملفوفة في قطعة قماشية بالية ناولتها إياها وهي تجيبها
أيوه يا ست أم عوض...
التقطتها منها في الحال وتأملتها بعينين متسعتين في سرور فأضافت المرأة في كلمات موحية
بس دي كلفتني كتير.
حينئذ تجهمت قسمات وجهها وقالت بفم ملتو
احمدي ربنا على اللي خدتيه بلاش طمع!
اعترضت عليها المرأة بعبوس
بس آ...
لتسلم من إصرارها السمج أعطتها ورقة نقدية صغيرة وهتفت في حدة
مش هزود عن كده.
ارتضت بما ظفرت به منها قائلة بقليل من الابتهاج
ماشي كله نعمة من عند الله.
تأملت أم عوض الزجاجة الصغيرة بنظرة براقة تنم عن شيء خطېر تشتت نظرتها عنها عندما خاطبتها المرأة بتحذير صريح
خدي بالك بس لأحسن غطاها مفوت شوية.
غامت تعبيراتها إلى حد ما وعنفتها
ملاقتيش حاجة تانية عدلة عندك بدل دي
على مضض أخبرتها
أهوو اللي كان موجود.
نفخت في سأم واقتضبت في الرد وهي تقبض على الزجاجة براحتها
طيب.
مثلما فعلت مع الزجاجة دست المرأة المال في جيبها النسائي الخاص وتساءلت
في قدر من الفضول
بس مقولتيش
متابعة القراءة