رواية منة

موقع أيام نيوز


بشدة وممتلئة بجميع أنواع الزهور البرية التي تحبها
وحوض السباحة الواسع وتلك النافورات العملاقة
كل شيء منظم بطريقة خطفت أنفاسها فهي تشعر بأنها بداخل لوحة فنية من القرون الوسطى حيث عصر الأمراء والسلاطين
تفاجأت من ذاك البهو الواسع الأنيق المطل على الحديقة مباشرة وذاك الأساس المذهب
صعدت الدرج بخطوات هادئة بينما هو يراقب حركتها وانفعالتها بعيون مترقبة فهو يعلم بمدى عشقها للذوق الفاخر والأشياء الأنيقة

والدور الثاني كان عبارة عن لوحة مختلفة من الأناقة فقابلتها في البداية تلك الصالة الواسعة
بعد انتهائها من تأملها حذبها يامن بهدوء وهو يقودها بنفسه لبقية الغرف
دخلت لغرفة النوم الواسعة وهي تتأملها بعيون منبهرة كل شيء في هذا القصر كان يضج بالعظمة
والفخامة فهذا القصر يبدو كأنه لأحد الملوك
ليل بصوت هامس
مش عارفه أشكرك إزاي المكان تحفة
يامن بهدوء وهو ينظر لعينيها بابتسامة
بس مش دي هي المفاجأة
ليل بإستغراب
أمال إيه المفاجأة
طرق الباب عدة مرات فأتاه صوت من الداخل يسمح له بالدخول
بينما ليل تتابع بهدوء
فتح يامن الباب بهدوء بينما ليل تتبعه
لكنها كادت أن تقع مغشيا عليها من صډمتها.....
يتبع
التاسع والعشرون
فتح يامن الباب بهدوء بينما ليل تتبعه
لكنها كادت أن تقع مغشيا عليها من صډمتها......
ظلت متسمرة في مكانها پصدمة تتأمل تلك السيدة التي تقف أمامها
ذاك الشبه الكبير بينهما فهي تحمل نفس الشعر الأحمر و العيون ملامحهما كانت متشابهة لحد يصعب تصديقه الإختلاف الوحيد هو ملامح التقدم في السن التي تظهر على الأخرى
تقدمت ناهد بخطوات بطيئة والدموع بدأت في التجمع بداخل عينيها مھددة بالنزول لا تصدق أن هذه هي نفسها ابنتها التي تركتها وعمرها لا يتجاوز الشهر
وقفت أمامها وهي تمد يدها تضعها فوق ملامح وجه ابنتها تتحسسها بعدم تصديق بينما ليل تتابع حركتها بحذر من هذه السيدة هل يعقل أن تكون هذه هي والدتها المفقودة
ناهد بابتسامة حزينة والدموع بدأت تسيل على خديها
ليل بنتي صح أنا ناهد مامتك
لم تحرك ساكنا بل ظلت مكانها بدون أي
حركة لم تبدي أي ردة فعل تدل على تأثرها كل ما على وجهها هو ملامح الدهشة والصدمة
ابتعدت عنها ناهد بابتسامة واسعة فهذه أول مرة ترى ابنتها بعد اثنين وعشرين عاما من الفراق الذي حكم عليهم به
لكن صدمتهم عندما وقعت ليل أرضا فاقدة وعيها
ناهد بفزع شديد وصوت عالي
ليل
اتجه لها يامن بسرعة يحملها بين ذراعيه وهو يشعر بالذعر يتملكه فهو أكثر ما كان يقلقه هو ردة فعلها وهل ستتقبل الأمر بسهولة أم لا وضعها على السرير........
يامن بقلق بالغ وهو ينثر القليل من الماء البارد فوق وجهها
ليلي فوقي ليل
ظل ينادي عليها عدة مرات ولكن بلا فائدة أحضر بسرعة زجاجة من العطر يقربها لأنفها علها تسترجع وعيها
بينما تراجعت ناهد للخلف بحزن شديد وهي تنتحب بشدة تلوم نفسها من أجل ابنتها فلو تمكنت من الدفاع عن نفسها في ذاك اليوم لم تكن لتقضي نصف حياتها بعيدا عن ابنتها وزوجها......
ارتفع صوت ليل بكلمات غير مفهومة وهي تبدأ في استرجاع وعيها
ربت يامن على وجهها بهدوء علها تستعيد كامل وعيها
يامن بهدوء وهو ينظر لعينيها التي بدأت تفتحها بذبول
ليل حبيبتي إنتي كويسة
رفعت ليل عينيها وهي تتأمل المكان باستغراب
اقتربت منها ناهد بخطوات هادئة وهي تتأملها تقسم أنها ستحاول أن تصلح كل شيء ليعود كما في السابق
ليل باستغراب وهي لا تعي نزول دموعها
أنا كنت بحلم حلم غريب أوي كان في واحدة موجودة هنا وبتقول إنها ماما
يامن بهدوء وهو يمرر يده في شعره پغضب من نفسه
ده مكنش حلم
لم تعي ليل كلماته فهي ترفض تصديق ما حدث
ارتفع صوت ناهد بتساؤل حنون
إنتي كويسة يا بنتي
نظرت لها ليل والدموع بدأت في الإنهمار بشدة أكثر من السابق هي لا تصدق هذه هي والدتها التي لطالما حلمت برؤيتها هذه هي من افتقدتها في كل لحظة في طفولتها مراهقتها وشبابها
لم تعلم كيف تحركت من مكانها في ثانية واحدة وهي ترمي نفسها بداخل أحضان والدتها وهي تنتحب بصوت عالي ووالدتها تشاركها نفس البكاء
لكنه لم يكن ذاك البكاء الحزين بل هو بكاء يعبر عن فرحة اللقاء بعد غياب طال لأعوام يعبر عن شوق تخطى حدود البحار تلك اللهفة التي تصاحب الأم لملاقاة ابنها بعد عناء وعذاب الشوق فقد ټعذب فؤادها بڼار حرمانها من ابنتها
ابتعدت ليل عنها بهدوء وهي تتأمل ملامح والدتها بابتسامة
ليل بصوت مبحوح أثر بكائها
ماما
أومأت ناهد بالموافقة بسرعة ولهفة شديدة غير مصدقة أذنها وهي تسمع تلك الكلمة التي لطالما اشتاقت لسماعها من بين شفتي طفلتها......
ناهد بابتسامة واسعة والدموع ټغرق وجهها بينما تمرر يدها فوق وجه ابنتها تمسح دموعها
أيوه ماما ياروحي
مسح يامن دموعه العالقة تأثرا من
هذه المشاعر التي احتلت المكان بسبب هذا اللقاء بين الأم وابنتها
يامن بابتسامة وهو يحاول التخفيف من تلك الأجواء
طيب إيه هتسبوني واقف كده لوحدي مفيش حتى شكرا خلاص كده يا ليل بعتيني
ضحكت ليل بخفوت بينما مازالت بعض الدموع على وجهها
ليل بهدوء وهي تنظر له بعشق لا تعلم ماذا تقول لهذا الرجل الذي لا يكف عن اسعادها
مستحيل أنساك طبعا ....وأكملت بمشاغبة طريفة....
بس بدال ماما جت يعني فإنت مش مشكلة أنساك شوية
نظر لها بشړ وابتسامة خبيثة جعلتها تود ضړب نفسها بسبب لسانها
يامن بخبث وابتسامة واسعة
ماشي براحتك بس أنا عارف هفكرك إزاي
ابتسمت ناهد بسعادة وهي ترى سعادة ابنتها وهي زوجة لهذا الشاب الذي يحمل جميع ملامح الشهامة والرجولة فدعت ربها بداخلها أن يديم بينهم ذاك الحب والمودة
أشارت له ناهد ليقترب منهم فلبى دعوتها بسرور وهو يحيط ليل بين ذراعيه مقبلا أعلى رأسها
ابتسمت ليل بعشق شديد وهي تعانقه فهذه أول مرة تشعر بهذا الكم من السعادة وتتمنى بداخلها أن تستمر للأبد
لكن تلاشت تلك الإبتسامة وهي تسمعه يهمس لها بصوت منخفض أجش
بقى نسيتيني يا ست ليل خلاص كده
كبحت انطلاق ضحكتها بصعوبة وهي تبتعد عنه
ناهد بابتسامة واسعة
ربنا يديم عليكم المحبة ياحبايبي.......
اتجهوا لصالة الإستقبال ليتحدثوا هناك بهدوء
ظلوا لأكثر من ساعتين تتحدث هي وابنتها وهي تقص عليها كل ما حدث في فترة غيابها وكيف كان يعاملها والدها وكيف كان يتغنى دوما بعشق والدتها
والمشاعر المتخبطة بين سعادة مرة وحزن مرة واشتياق مرة أخرى
يامن بهدوء مباغتا إياها بذاك السؤال
بس يا ناهد هانم أنا مش فاهم حضرتك هربتي من عادل بيه ليه
صدمت عندما سمعت تلك الكلمات منه فهي لم تهرب في ذاك اليوم ولكنها لا تلومه فلا أحد يعلم حقيقة ما حدث ولا حتى هيه
ليل بهدوء وهي تنظر له بعتاب
يامن أكيد ما يقصدش اللي قاله ياماما
ناهد بابتسامة هادئة وهي تنظر لإبنتها
فلاش باك
فتحت عينيها بهدوء وهي تنظر لتلك الغرفة باستغراب والتي تبدو كغرفة المشفى فجأة اندفع لرأسها صورة ذاك الشخص الذي حاول أن يخدرها
فنظرت بجوارها لكنها لم تجد سرير ابنتها
ناهد بفزع شديد وهي تصرخ بصوت عالي
بنتي فين هاتولي بنتي
أتى على صوتها مجموعة من الممرضات
الممرضة بهدوء وهي تحاول تهدأتها
اهدي يا هانم ماينفعش كده
لكن ناهد لم تلقي بالا لكلامها وهي تعيد صړاخها
فين بنتي وإنتم مين هاتولي بنتي أنا إيه اللي جابني هنا
اندفع نحو الغرفة الطبيب ومعه هاشم الذي ينظر ناحيتها بخبث
هاشم بخبث وهو يدعي الحزن
زي ما حضرتك شايف كده يا دكتور من ساعة ما قولنالها إن بنتها ماټت وهي حالتها كده
هي مين دي اللي ماټت يا جدع إنت إنت أكيد اټجننت
أشار الطبيب بسرعة للممرضات بإمساكها ثم قال بهدوء
متقلقش يا هاشم بيه أخت حضرتك هتتحسن مع العلاج النفسي إن شاء الله
ناهد وهي تصرخ بفزع
أخت مين أنا معرفهوش وعلاج نفسي إيه إنتم اتجننتم
لكن الطبيب لم يلقي بالا لكلامها وهو يقترب منها يغرس ابرة مهدأة في كتفها بينما الممرضات يقيدن حركتها
بعد تلك الليلة المشؤومة مرت عليها أيام وأسابيع وتوالت الشهور والسنين وهي تمر باكتئاب شديد في ذاك المشفى الخاص بالأمراض النفسية
لكنها وقبل خمس سنوات من وقتها الحالي قررت أنها ستدعي أنها تتماثل للشفاء لا تنكر أن أطباء تلك المصحة ساعدوها على تخطي اكتئابها
وبدأت في خطوة تلو الأخرى تستدرج الممرضة للحديث معها لتعلم بعض المعلومات عن الشخص الذي أتى بها إلى هنا لتعلم أنها محتجزة في ذاك المشفى بهوية مزيفة وفي نفس اليوم التي علمت بها كل شيء قررت
المغامرة تعلم أنها خطوة متهورة قد يقومون باحتجازها مرة أخرى لكن لا بأس بالمحاولة فقد مر على وجودها هنا ثمانية عشر عاما وكل مرة من المفترض أن تخرج بها يدفع ذاك المدعي بأنه أخاها المال ليحتجزوها في هذا المكان الأشبه بالسجن لوقت أطول
سارت في المرر بخطوات هادئة فهم يسمحون لهم بالتجول في الصباح توجهت بهدوء نحو غرفة تغيير الملابس الخاصة بعاملات النظافة فوجدت بعض الملابس البالية الخاصة بالعاملات هنا
ارتدتها بسرعة وهي تحرص على اخفاء ملامحها وشعرها بذاك الحجاب ثم سحبت صندوق القمامة الكبير الموجود بالغرفة تتمنى أن تنجح هذه المرة
فكل مرة تبوء محاولة هربها بالفشل
جمعت بعض أكياس القمامة أثناء سيرها لكي يبدو كل شيء طبيعي وصلت أمام الحارس الخاص بالبوابة وهي تنظر للاسفل تحرص على اخفاء ملامحها
الحارس بصوت عالي
إنتي راحة فين يا ست إنتي
ناهد بتوتر وهي
تحاول تغيير صوتها
هطلع أكياس الژبالة للصندوق اللي بره
أومأ لها بهدوء وهو يفتح البوابة فلم تصدق نفسها وهي تتوجه للخارج بسرعة هائلة استغربها الحارس
التفتت للخلف فوجدته عاد لإغلاق البوابة
فتركت صندوق القمامة وهي تركض مبتعدة عن المكان
بعد ساعات طويلة من السير لا تعلم إلى أين تذهب هل تذهب إلى زوجها الذي قام بخيانتها وحتى إن ذهبت له هل سيرحب بها بعد كل هذه السنين
فأول سؤال قد يخطر بباله أين كانت ولماذا اختفت طوال تلك السنين
لم تعلم كيف قادتها قدمها لذاك المنزل القديم إنه منزلها ومنزل والدتها دمعت عيناها بحزن فهي لم تدخل هذا المنزل منذ ۏفاة والدتها
تأملت المكان الممتلئ بالغبار والحشرات حاولت فتح الباب عدة مرات لكنه كان مغلق
تذكرت ذاك الباب الخلفي الذي كانت والدتها تتركه مفتوحا طوال الوقت
توجهت له بهدوء فوجدته مغلقا بمجرد أن وضعت يدها عليه وجدته يفتح بسهولة
توجهت للداخل بسرعة ودموعها تنزل بصمت
بمجرد دخولها استولى الخۏف عليها فالمكان مظلم والحشرات والفئران تملئ المكان توجهت نحو غرفة والدتها لكن ذاك الألم الذي داهمها جعلها غير قادرة على الحركة ففي يوم من الأيام كان هذا المنزل مشرقا تملئه الضحكات العالية وصوت والدها الحنون
ووالدتها التي دائما ما كانت تصرخ عليها لكي تتوقف عن مشاغبتها.....
نفضت كل تلك الأفكار عن رأسها وهي تمسح دموعها فهذا ليس الوقت المناسب لاسترجاع الذكريات والبكاء عليها
ظلت تبحث بداخله عن أي أوراق تثبت هويتها
فوجدت بعض الأوراق كشهادة ميلادها وشهادات دراستها بدأت تجمع تلك الأوراق في حقيبة صغيرة
ثم اتجهت نحو غرفتها تبحث عن بعض الملابس التي تصلح للإستخدام
 

تم نسخ الرابط